القصواء، أي حرنت، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل». ثم قال: والذي نفسي بيده، لا يسألوني اليوم خطة يعظمون فيها حرمات اللَّه إلا أجبتهم إليها، ثم زجرها، فقامت».
وفي الصحيحين أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال يوم فتح مكة: «إن اللَّه حبس عن مكة الفيل، وسلّط عليها رسوله والمؤمنين، وإنه قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، ألا فيبلّغ الشاهد الغائب».
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- هذا الخطاب، وإن كان للنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولكنه عام، أي ألم تروا ما فعلت بأصحاب الفيل؟ أي قد رأيتم ذلك، وعرفتم موضع منتي عليكم، فما لكم لا تؤمنون؟! ٢- دلت الواقعة على قدرة اللَّه الصانع وعلمه وحكمته، وعلى شرف محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم لأنه يجوز تقديم المعجزات على زمان البعثة، تأسيسا لنبوتهم، وإرهاصا لها، ولذلك قالوا: كانت الغمامة تظله «١». قال أبو حيان: كان صرف ذلك العدوّ العظيم عام مولده السعيد صلّى اللَّه عليه وسلّم إرهاصا بنبوته إذ مجيء تلك الطيور على الوصف المنقول من خوارق العادات، والمعجزات المتقدمة بين أيدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد ظلل (أحبط) كيدهم، وأهلكهم بأضعف جنوده، وهي الطير التي ليست من عادتها أنها تقتل «٢».
٣- دلت القصة أيضا على تكريم اللَّه للكعبة، وإنعامه على قريش بدفع
(٢) البحر المحيط: ٨/ ٥١٢