نزول الآية (٤) :
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ: أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ قال: نزلت في المنافقين كانوا يراءون المؤمنين بصلاتهم إذا حضروا، ويتركونها إذا غابوا، ويمنعونهم العاريّة، أي الشيء المستعار.
التفسير والبيان:
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ أي أأبصرت يا محمد الذي يكذب بالحساب والجزاء؟ أو بالمعاد والجزاء والثواب. وقوله: أَرَأَيْتَ وإن كان في صورة استفهام، لكن الغرض بمثله المبالغة في التعجب. وهذا مثال آخر لكون الإنسان في خسر.
فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ، وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أي هو الذي يدفع اليتيم عن حقه دفعا شديدا، ويزجره زجرا عنيفا، ويظلمه حقه ولا يحسن إليه، وقد كان عرب الجاهلية لا يورّثون النساء والصبيان.
ولا يحث نفسه ولا أهله ولا غيرهم على إطعام المسكين المحتاج، بخلا بالمال، كما قال تعالى: كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ، وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ [الفجر ٨٩/ ١٧- ١٨] أي الفقير الذي لا يملك شيئا، أو لا يجد كفايته.
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ أي فخزي وعذاب للمنافقين الذي يؤدون الصلاة أحيانا تظاهرا، والذين هم غافلون عنها، غير مبالين بها، لا يرجون بصلاتهم ثوابا إن صلوا، ولا يخافون عليها عقابا إن تركوا، فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها، وإذا كانوا مع المؤمنين صلوا رياء، وإذا لم يكونوا معهم لم يصلوا.
ولم يقل: في صلاتهم ساهون لأن السهو في أثناء الصلاة مغتفر معفو عنه لأنه غير اختياري، وإنما قال: عن صلاتهم ساهون بتأخيرها عن وقتها رأسا، أو فعلها مع قلة مبالاة بها، كقوله: وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى،


الصفحة التالية
Icon