٤- قال جمهور الفقهاء وكثير من المتكلمين: إن إيمان المقلّد صحيح لأنه تعالى حكم بصحة وإيمان أولئك الأفواج، وجعله من أعظم المنن على محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولو لم يكن إيمانهم صحيحا، لما ذكره في هذا المجال.
٥- أمر اللَّه تعالى بالتسبيح أولا ثم بالحمد ثم بالاستغفار لأنه قدم الاشتغال بما يلزم للخالق وهو التسبيح والتحميد على الاشتغال بالنفس. وقدم الأمر بالتسبيح حتى لا يتبادر إلى الذهن أن تأخير النصر سنين لإهمال مثلا، فاللَّه ينزّه ويقدّس عن إهمال الحق. وأتى بالاستغفار حتى لا يفكر النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بالاشتغال بالانتقام ممن آذاه.
٦- الآية تدل على فضل التسبيح والتحميد، حيث جعل كافيا في أداء ما وجب على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وأمته من شكر نعمة النصر والفتح.
٧- اتفق الصحابة على أن هذه السورة دلت على أنه نعي لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.
روي أنه لما نزلت هذه السورة خطب صلّى اللَّه عليه وسلّم وقال: «إن عبدا خيره اللَّه بين الدنيا، وبين لقائه والآخرة، فاختار لقاء اللَّه» «١».
وقد عرفوا ذلك لأن الأمر بالتسبيح والحمد والاستغفار مطلقا دليل على أن أمر تبليغ الدعوة قد تم وكمل، وذلك يوجب الموت لأنه لو بقي بعد ذلك، لكان كالمعزول عن الرسالة، وهو غير جائز. ثم إن الأمر بالاستغفار تنبيه على قرب الأجل.

(١) تفسير الكشاف: ٣/ ٣٦٥


الصفحة التالية
Icon