فيقال للمشاء بالنمائم، المفسد بين الناس: يحمل الحطب بينهم، أي يوقد بينهم النائرة، ويورّث الشر، وهذا رأي الكثيرين.
قال أبو حيان: والظاهر أنها كانت تحمل الحطب، أي ما فيه شوك، لتؤذي بإلقائه في طريق الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم وأصحابه، لتعقرهم، فذمت بذلك، وسميت حمالة الحطب.
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ أي في عنقها حبل مفتول من الليف، من مسد النار، أي مما مسّد من حبالها أي فتل من سلاسل النار. وقد صورها اللَّه في حالة العذاب بنار جهنم بصورة حالتها في الدنيا عند النميمة، وحينما كانت تحمل حزمة الشوك وتربطها في جيدها، ثم تلقيها في طريق النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لأن كل مجرم يعذب بما يجانس حاله في جرمه. وقيل: صورها اللَّه في الدنيا بصورة حطّابة ممتهنة احتقارا لها، وإيذاء لها ولزوجها.
ولما سمعت أم جميل هذه السورة أتت أبا بكر، وهو مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في المسجد، وبيدها فهر (حجر) فقالت: بلغني أن صاحبك هجاني، ولأفعلنّ وأفعلنّ، وأعمى اللَّه تعالى بصرها عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فروي أن أبا بكر رضي اللَّه تعالى عنه قال لها: هل تري معي أحدا؟ فقالت: أتهزأ بي؟ لا أرى غيرك «١».
والظاهر هو المعنى الأول قال سعيد بن المسيّب: كانت لأم جميل قلادة فاخرة، فقالت: واللات والعزّى لأنفقنّها في عداوة محمد، فأعقبها اللَّه حبلا في جيدها من مسد النار.

(١) البحر المحيط: ٨/ ٥٢٦ وما بعدها، تفسير ابن كثير: ٤/ ٥٦٤ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon