وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أي ليس للَّه أحد يساويه، ولا يماثله، ولا يشاركه في شيء. وهذا نفي لوجود الصاحبة، وإبطال لما يعتقد به المشركون العرب من أن للَّه ندّا في أفعاله، حيث جعلوا الملائكة شركاء للَّه، والأصنام والأوثان أندادا للَّه تعالى.
وللسورة نظائر في آيات أخرى، مثل قوله تعالى: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ [الأنعام ٦/ ١٠١] أي هو مالك كل شيء وخالقه، فكيف له من خلقه نظير؟، وقوله: وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً، إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً. لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً [مريم ١٩/ ٩٢- ٩٥] وقوله: وَقالُوا: اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً، سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ، وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الأنبياء ٢١/ ٢٦- ٢٧].
جاء في صحيح البخاري: «لا أحد أصبر على أذى سمعه من اللَّه، إنهم يجعلون له ولدا، وهو يرزقهم ويعافيهم».
وروى البخاري أيضا وعبد الرزاق عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «قال اللَّه عز وجل: كذّبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ اللَّه ولدا، وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفوا أحد».
فقه الحياة أو الأحكام:
١- تضمنت هذه السورة الموجزة إثباتا ونفيا في آن واحد.
فقد أبانت أن اللَّه تعالى واحد في ذاته وحقيقته، منزه عن جميع أنحاء التركيب، ونفت عنه كل أنواع الكثرة بقوله: اللَّهُ أَحَدٌ.