ثم أقيمت الصلاة، فتقدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقرأ بهما ثم مرّ بي، فقال:
كيف رأيت يا عقب، اقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت».
وروى النسائي عن أبي عبد اللَّه بن عابس الجهني: أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال له:
«يا ابن عابس ألا أدلك- أو ألا أخبرك- بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون؟ قال:
بلى يا رسول اللَّه، قال: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، هاتان السورتان».
وأورد ابن كثير أحاديث كثيرة في معناها ثم قال: فهذه طرق عن عقبة كالمتواترة عنه، تفيد القطع عند كثير من المحققين في الحديث.
وفي حديث صديّ بن عجلان: «ألا أعلمك ثلاث سور، لم ينزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلهن: قُلْ: هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ: أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ: أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ».
وروى البخاري وأهل السنن في الاستشفاء بهذه السور الثلاث (المعوذات) عن عائشة: أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جمع كفيه، ثم نفث فيهما وقرأ فيهما: قُلْ: هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.
سبب نزول المعوذتين:
السبب: قصة سحر لبيد بن الأعصم اليهودي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كما
جاء في الصحيحين عن عائشة، فإنه سحره في جفّ (قشر الطلع) فيه مشاطة رأسه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وأسنان مشطه، ووتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروز بالإبر، فأنزلت عليه المعوذتان، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد صلّى اللَّه عليه وسلّم في نفسه