والسبب في تكرار لفظ النَّاسِ هو مزيد البيان والإظهار، والتنويه بشرف الناس مخلوقات اللَّه تعالى، وقال: «ربّ الناس» مع أنه ربّ جميع المخلوقات، فخصّ الناس بالذّكر للتشريف، ولأن الاستعاذة لأجلهم.
مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ أي ألجأ إلى اللَّه وأحتمي من شرّ الشيطان ذي الوسوسة، الكثير الخنوس أي الاختفاء والتأخر، بذكر اللَّه، فإذا ذكر الإنسان اللَّه تعالى خنس الشيطان وانقبض، وإذا لم يذكر اللَّه انبسط على القلب. قال ابن عباس في هذه الآية: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر اللَّه خنس.
وقد سلط اللَّه الشيطان على الناس إلا من عصمه اللَّه، للمجاهدة والفتنة والاختبار،
ثبت في الصحيح أنه «ما منكم من أحد إلا وكّل به قرينه، قالوا:
وأنت يا رسول اللَّه؟ قال: نعم إلا أن اللَّه أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير».
وثبت في الصحيحين عن أنس في قصة زيارة صفية للنّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، وهو معتكف، وخروجه معها ليلا، ليردها إلى منزلها، فلقيه رجلان من الأنصار، فلما رأيا النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أسرعا، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: «على رسلكما، إنها صفية بنت حييّ، فقالا: سبحان اللَّه، يا رسول اللَّه، فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا- أو قال: شرّا».
وروى الحافظ أبو يعلي الموصلي عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: «إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر اللَّه خنس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخنّاس».
وروي الإمام أحمد عن أبي تميمة يحدث عن رديف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «عثر بالنّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم حماره، فقلت: تعس الشيطان، فقال النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: لا تقل: تعس الشيطان، فإنك إذا