أراد من البشر أن يستقيم على الحق والإيمان والطاعة، فمن أراد الهداية فعليه بهذا القرآن، فإنه مناجاة له وهداية، ولا هداية فيما سواه.
قال الزمخشري: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ بدل من لِلْعالَمِينَ وإنما أبدلوا منهم لأن الذين شاؤوا الاستقامة بالدخول في الإسلام هم المنتفعون بالذكر، فكأنه لم يوعظ به غيرهم، وإن كانوا موعوظين جميعا.
وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ أي وما تشاؤون الاستقامة ولا تقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وتوفيقه، فليست المشيئة موكولة إليكم، فمن شاء اهتدى، ومن شاء ضل، بل ذلك كله تابع لمشيئة الله تعالى ربّ الإنس والجن والعالم كله. آمنت بالله وبما يشاء، فلا يقدر أحد على شيء إلا بما يخلق فيه من قوة، وبما يودع الله فيه من قدرة يتمكن من توجيهها نحو الإيمان والخير أو نحو الكفر والشر، وهذا يعني أن الله أودع في الناس قدرة الاختيار، بدليل الآيات الأخرى التي تنفي الإجبار والإكراه.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١- لله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته من حيوان وجماد، وإن لم يعلم وجه الحكمة في ذلك، كما قال القرطبي «١».
٢- أقسم الله تعالى بجميع الكواكب التي تخنس (تختفي) بالنهار وعند غروبها، وخنوسها: غيبتها عن البصر بالنهار، والتي تجري في أفلاكها، وتكنس، وكنوسها: ظهورها للبصر في الليل، كما يظهر الظبي أو الوحش من كناسه، ثم تغيب وتستتر في مغيبها تحت الأفق، لما في تحركها وظهورها مرة،