لم يكتب علينا، وأبوا أن يحجّوا، فأنزل الله: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ.
وقد ذكرت عن مجاهد سبب نزول آية إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ في مقدّمة تفسير الآيات السابقة.
التفسير والبيان:
إنّ البيت الحرام قبلة المسلمين في الصلاة والدعاء: هو أوّل بيت وضع معبدا للناس، بناه إبراهيم وإسماعيل عليهما السّلام للعبادة: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ [البقرة ٢/ ١٢٧]، ثمّ بني المسجد الأقصى بعد ذلك بقرون، بناه سليمان بن داود سنة ١٠٠٥ قبل الميلاد، فكان جعله قبلة أولى، فيكون النّبي صلّى الله عليه وسلّم على ملّة إبراهيم الذي كان يتّجه بعبادته إلى الكعبة المشرّفة.
فالبيت الحرام أول بيت عبادة، وهي أولية زمان، تستتبع أولية الشرف والمكانة، وله مزايا عديدة هي:
١- إنه مبارك كثير الخيرات، فهو بالرغم من كونه في واد غير ذي زرع، بصحراء جرداء، كما قال تعالى: يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ [القصص ٢٨/ ٥٧]، ففيه الخضار والفواكه ومنتجات الدّنيا، وهو أيضا كثير البركة في الثواب والأجر، ففيه تضاعف الحسنات، ويستجاب الدّعاء.
٢- إنه مصدر هداية للناس، يتّجه إليه المصلّون، وتهواه الأفئدة، ويزحف إليه الملايين مشاة وركبانا، يأتون إليه من كلّ فجّ عميق، لأداء مناسك الحجّ والعمرة، ببركة دعوة إبراهيم عليه السّلام: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ، رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ، وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ، لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [إبراهيم ١٤/ ٣٧]، وقد