واتقوا الله، أي اتخذوا وقاية من عذابه، في جميع أعمالكم، فإن الله خبير بما تعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وسيجزيكم على ما علم من أفعالكم التي عملتموها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
ثم أوضح جزاء الفريقين: الفريق الذين آمنوا وعملوا الصالحات التي يصلح بها أمر الناس في أنفسهم ومع غيرهم، ومن أهمها العدل، وجزاؤهم مغفرة لذنوبهم أي ستر لها، وأجر عظيم وهو الجنة ومضاعفة الثواب على الإيمان والعمل الصالح، فضلا من الله ورحمة.
والفريق المقابل الآخر وهو الذين كفروا بالله ورسله، سواء كفروا بالجميع أو بالبعض، وكذبوا بآيات الله الكونية التي أقامها الله في الأنفس والأكوان للدلالة على وحدانيته وكماله وقدرته، وآياته المنزلة على رسله فيما يبلغون عنه، وجزاؤهم أنهم أصحاب النار العظيمة الملازمون لها، لفساد أنفسهم وسوء أعمالهم، وهذا من عدل الله تعالى وحكمته وحكمه الذي لا جور فيه.
ثم ذكّر الله تعالى المؤمنين بنعمة الله عليهم، بدفع الشر والمكروه عن نبيهم، ورد كيد الأعداء عنهم، على كثرتهم وقوتهم، وضعف المسلمين وقلتهم، بعد أن هموا وعزموا على البطش بكم، ولكن الله أيد رسوله ونصر دينه وأتم نوره ولو كره الكافرون.
وحادثة المحاربي (من قبيلة محارب) المتقدمة مثيرة للانتباه والاهتمام، وقد رويت بروايات كثيرة عدا ما ذكر في سبب النزول. وهناك رواية أخرى يحسن ذكرها،
روى الحاكم عن جابر قال: «قام على رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: من يمنعك؟ قال: الله، فوقع السيف من يده، فأخذه النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال: من يمنعك؟ قال: كن خير آخذ، قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، قال: أعاهدك ألا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلّى سبيله، فجاء إلى


الصفحة التالية
Icon