والمصلحة: لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ يشرّع ما يشاء كما يشاء.
ودلت الآية الثانية على تحريم التعرض لمناسك الحج، وتجاوز حدود الله فيما شرع، فلا يجوز التعدي على معالم دينه.
وتلك المعالم هي شعائر الله أي البدن التي تهدى للحرم، وإشعارها: أن يجزّ شيء من سنامها حتى يسيل منه الدم، فيعلم أنها هدي. وقال عطاء:
شعائر الله: جميع ما أمر الله به ونهى عنه. وقال الحسن البصري: دين الله كله، كقوله تعالى: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ، فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج ٢٢/ ٣٢] أي دين الله.
وقد أجاز الجمهور الإشعار، ويكون- في رأي الشافعي وأحمد وأبي ثور- في الجانب الأيمن لما
ثبت عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أشعر ناقته في صفحة سنامها الأيمن.
وقال مالك: يكون في الجانب الأيسر. وقال مجاهد: من أي الجانبين شاء.
ومنعه أبو حنيفة، وقال: إنه تعذيب للحيوان أي أنه مكروه كما صرح الحنفية، والحديث يؤوّل بأن الإشعار يجري مجرى الوسم الذي يعرف به الملك.
وقال الصاحبان: ليس بمكروه ولا سنة، بل هو مباح.
ومن المعالم: حرمة الشهر الحرام وهي أربعة: واحد فرد وثلاثة سرد، وهي «ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب» فلا تستحل للقتال ولا للغارة ولا تبدّل، فإن استبدالها استحلال، وذلك ما كانوا يفعلونه من النسيء. ثم نسخ تحريم القتال فيها بقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ والمراد بها الأشهر التي حرم الله قتالهم فيها وضربها أجلا لهم يسيحون فيها في الأرض، ويفكرون في أمر الإسلام، وليس المراد بها أشهر الحج أو الأشهر الحرم بالمعنى السابق.