أخرى: أَوْ دَماً مَسْفُوحاً [الأنعام ٦/ ١٤٥]. وسئل ابن عباس عن الطحال فقال: كلوه، فقالوا: إنه دم، فقال: «إنما حرم عليكم الدم المسفوح» أي السائل من الحيوان عند التذكية، قليلا كان أو كثيرا.
وسبب تحريم الدم المسفوح: أنه مباءة الجراثيم والسموم، وأنه مستقذر طبعا، ويعسر هضمه، ومن فضلات الجسم الضارة كالبراز، وأن فصائل الدم مختلفة، ولا تناسب فصيلة غيرها، فهو قذر يضر الأجسام. ولا عبرة بما كان العرب في الجاهلية يفعلونه من أكل الدم المختلط بالشعر وهو المسمى بالعلهز، وحشو الأمعاء بالدم ثم شيّه وأكله.
٣- لحم الخنزير:
وهو يشمل جميع أجزائه حتى الشحم والجلد، وإنما خص اللحم بالذكر لأنه المقصود الأهم، وقد نفر الشرع من الانتفاع بجميع أجزاء الخنزير في قوله تعالى:
أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام ٦/ ١٤٥]
وفي قوله صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه مسلم في صحيحة عن بريدة بن الخصيب الأسلمي-: «من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه»
فإنه تنفير من مجرد اللمس، فيكون التهديد على أكله والتغذي به أشد.
وفي الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام» فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنها تطلي بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: «لا، هو حرام».
وقد أجاز قوم استعمال شعر الخنزير في الخرز للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ولا حاجة اليوم إليه لتقدم الصناعة.
وسبب تحريم لحم الخنزير: ما فيه من الضرر والقذر لملازمته القاذورات، واحتوائه غالبا على الديدان كالدودة الوحيدة والشعرة الحلزونية، ولعسر هضمه