وهو الحافظ الذي يرسل حفظة من الملائكة ليلا ونهارا يحفظون بدن الإنسان، ويحصون أعماله، ولا يفرطون بشيء منها، كما قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ [الانفطار ٨٢/ ١٠- ١٢] عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ، ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق ٥٠/ ١٧- ١٨]. وفي معنى الآية قوله تعالى: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي بأمره [الرعد ١٣/ ١١].
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعا: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون».
والحكمة في كتابة الحفظة الملائكة أعمال الإنسان مع أن الله أعلم بكل شيء:
هي الإتيان بدليل مادي محسوس لإقامة الحجة على الإنسان، ولان المرء إذا عرف تدوين أعماله انزجر عن الممنوعات، وأقدم على الطاعات، كما قال تعالى:
وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ، وَيَقُولُونَ: يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها، وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف ١٨/ ٤٩].
يرسل عليكم الحفظة الملائكة لإحصاء الأعمال، حتى إذا حان الأجل، قبضت روحه رسلنا الموكلون بذلك من الملائكة، هؤلاء الرسل هم أعوان ملك الموت، كما قال تعالى: قُلْ: يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [السجدة ٣٢/ ١١] قال ابن عباس وغيره: لملك الموت أعوان من الملائكة يخرجون الروح من الجسد، فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم.
والحال أن هؤلاء الملائكة الحفظة لا يفرطون أي لا يقصرون في حفظ روح