بالتهديد بعذاب آخر يوم القيامة، وأبان أنه يسأل جميع الناس عن أعمالهم، سواء أهل العقاب وأهل الثواب. ولما بيّن في الآية الأولى أن من جملة أحوال القيامة:
السؤال والحساب، بيّن أن من جملة أحوال القيامة أيضا وزن الأعمال.
التفسير والبيان:
يسأل الله تعالى الأمم يوم القيامة عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به، ويسأل الرسل أيضا عن إبلاغ الرسالات.
فيسأل الله كل فرد من أفراد الأمم في الآخرة عن رسوله إليه وعن تبليغه لآياته، ويسأل الرسل عن تبليغهم وعن مدى إجابة أقوامهم لهم، وعما صدر منهم من إيمان أو كفر، فهي مسئولية تضامنية عامة كما قال تعالى: وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ، فَيَقُولُ: ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص ٢٨/ ٦٥] وقال: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ: ماذا أُجِبْتُمْ؟ قالُوا: لا عِلْمَ لَنا، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [المائدة ٥/ ١٠٩] وقال: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي، وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا؟
[الأنعام ٦/ ١٣٠] ويوضح هذه المسؤولية بين الراعي والرعية
ما رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن ابن عمر قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته».
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ، وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ: نسأل الناس عما أجابوا المرسلين، ونسأل المرسلين عما بلّغوا.


الصفحة التالية
Icon