ما فِي بُطُونِ ما اسم موصول، بمعنى الذي مبتدأ مرفوع، وفِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ صلته. وخالِصَةٌ خبر المبتدأ، وأنث خالصة، حملا على معنى ما لأن المراد بما في بطون هذه الأنعام: الأجنة، وذكّر: مُحَرَّمٌ حملا على لفظ ما ويجوز أن يكون خالِصَةٌ بدلا مرفوعا من ما بدل بعض من كل، ولِذُكُورِنا الخبر. ومن قرأ خالصة بالنصب كان منصوبا على الحال من الضمير المرفوع في قوله فِي بُطُونِ. وخبر المبتدأ الذي هو ما: لِذُكُورِنا.
وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً اسم يَكُنْ ضمير مضمر فيها، ومَيْتَةً خبرها. ويَكُنْ محمول على لفظ ما وتقديره: وإن يكن ما في بطون هذه الأنعام ميتة. ومن رفع ميتة فلأن تأنيث الميتة ليس بحقيقي. ومن قرأ: تكن بالتاء، وجعل كان تامة بمعنى: حدث ووقع، ورفع ميتة لأنه فاعل، كقوله تعالى: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً [النساء ٤/ ٤٠] في قراءة الرفع. سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ منصوب بنزع الخافض أي بوصفهم. سَفَهاً إما منصوب على المصدر، وإما على أنه مفعول لأجله.
البلاغة:
ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِراءً عَلَى اللَّهِ إظهار لفظ الجلالة الثاني، لبيان كمال عتوهم وضلالهم.
المفردات اللغوية:
وَجَعَلُوا أي كفار مكة ذَرَأَ خلق وأبدع الْحَرْثِ الزرع، جعلوا لله نصيبا يصرفونه إلى الضيفان والمساكين، ولشركائهم نصيبا يصرفونه إلى سدنتها فَقالُوا: هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا أي الأوثان التي يتقربون بعبادتها إلى الله تعالى، فكانوا إذا سقط في نصيب الله شيء من نصيبها التقطوه، أو في نصيبها شيء من نصيبه تركوه، وقالوا: إن الله غني عن هذا، كما قال تعالى: فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ أي لجهته وهي سدنة الآلهة وخدمها. ساءَ بئس ما يَحْكُمُونَ حكمهم هذا.
قَتْلَ أَوْلادِهِمْ بالوأد شُرَكاؤُهُمْ من الجن لِيُرْدُوهُمْ يهلكوهم بالإغواء وَلِيَلْبِسُوا يخلطوا حِجْرٌ أي حرام ممنوع، والحجر: أصله المنع، ومنه سمي العقل حجرا لمنعه صاحبه إِلَّا مَنْ نَشاءُ من خدمة الأوثان وغيرهم بِزَعْمِهِمْ أي لا حجة لهم فيه وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها فلا تركب، كالسوائب والحوامي وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا عند ذبحها بل يذكرون اسم أصنامهم، ونسبوا ذلك إلى الله ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ المحرمة وهي السوائب والبحائر خالِصَةٌ حلال أَزْواجِنا النساء وَصْفَهُمْ أي سيجزيهم جزاء وصفهم ذلك بالتحليل والتحريم إِنَّهُ حَكِيمٌ في صنعه عَلِيمٌ بخلقه سَفَهاً جهلا.


الصفحة التالية
Icon