سينتصرون على كل حال، وأن الله وعدك إحدى الطائفتين: العير أو النفير، وبما أن العير قد نجت، فلم يبق إلا النفير، ولا داعي للقول بأننا لم نستعد للقتال، ولا وجه للجدل بعد ما تبين الحق وهو إعلام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بأنهم ينصرون، وحينئذ لا عذر لهم إلا خوفهم من القتال وجبنهم عن مقابلة الأعداء.
ثم شبّه حالهم في فرط فزعهم ورعبهم، وهم سائرون إلى الظفر والغنيمة بحال من يساق صاغرا إلى الموت المتيقن، وهو مشاهد أسبابه، ناظر إليها، لا يشك فيها.
لكن الله تعالى وعد رسوله والمؤمنين بالنصر، ووعده لا يتخلف، أما الحساب الظاهري لميزان القوى، فكثيرا ما يظهر عكسه، إذ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ.
واذكروا حين وعدكم الله ملك إحدى الطائفتين: العير أو النفير، لكي تكون السلطة والغلبة لكم.
وتتمنون أن تكون غير ذات الشوكة أي السلاح والقوة والمنعة وهي العير (القافلة) لكم لأنه لم يكن فيها إلا أربعون فارسا. وقد عبر عنها بذلك تعريضا لكراهتهم القتال وطمعهم في المال. والشوكة كانت في النفير لكثرة عددهم وتفوق عدتهم وأسلحتهم.
ويريد الله لكم غير هذا وهو مقابلة النفير الذي له الشوكة والقوة، لينهزم المشركون، وينتصر المؤمنون، ويثبت الله الحق ويعليه بكلماته، أي بآياته المنزلة على رسوله في محاربة المشركين ذوي الشوكة، وبما أمر الملائكة من نزولهم لنصرة المسلمين، وبما قضى من أسرهم وقتلهم، وطرحهم في قليب (بئر) بدر.
ويريد الله أن يهلك المعاندين، ويستأصل شأفة المشركين، ويمحق قوتهم، ويبدد آثارهم.


الصفحة التالية
Icon