والمعنى عند المعتزلة: أنه حصل ذلك الخروج بأمر الله تعالى وإلزامه، فأضيف إليه. لكن هذا مجاز، والأصل حمل الكلام على الحقيقة.
وتمسك أهل السنة أيضا في مسألة خلق الأفعال بقوله تعالى: لِيُحِقَّ الْحَقَّ أي أنه يوجد الحق ويكونه، والحق ليس إلا الدين والاعتقاد، فدلّ هذا على أن الاعتقاد الحق لا يحصل إلا بتكوين الله تعالى وخلقه.
وتمسك المعتزلة بعين هذه الآية على صحة مذهبهم، فقالوا: هذه الآية تدل على أنه تعالى إنما يريد أبدا تحقيق الحق وإبطال الباطل، وأنه لا صحة لقول من يقول: إنه لا باطل ولا كفر إلا والله تعالى مريد له.
وردّ أهل السنة على ذلك بأن المقرر في أصول الفقه أن المفرد المحلى بالألف واللام ينصرف إلى المعهود السابق، أي أنه تعالى أراد تحقيق الحق وإبطال الباطل في هذه الصورة.
٣- الحق حق أبدا، ولكن إظهاره تحقيق له لأنه إذا لم يظهر أشبه الباطل. والإسلام هو الحق، وهو الذي يريد الله إظهاره وإعزازه، كما قال تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [الصف ٦١/ ٩] وقال: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ، فَإِذا هُوَ زاهِقٌ [الأنبياء ٢١/ ١٨].
٤- لا قرار للباطل، ولكن لا بد من إبطاله وإعدامه، كما أن إحقاق الحق إظهاره، والكفر والشرك هو الباطل، فيريد الله استئصال أهله الكافرين بالهلاك.
٥- أراد الله في بدر أن يجمع بين المؤمنين القلّة وبين الكافرين الكثر أهل الشوكة والقتال، لينصرهم عليهم، ويظهر دينه، ويرفع كلمة الإسلام، ويجعله غالبا على الأديان، وهو أعلم بعواقب الأمور، وهو الذي يحسن التدبير لعباده