وَما جَعَلَهُ اللَّهُ أي الإمداد. وَلِتَطْمَئِنَّ تسكن بعد ذلك الاضطراب والخوف الذي عرض لكم إجمالا. عَزِيزٌ غالب على أمره. حَكِيمٌ يضع الشيء في موضعه.
يُغَشِّيكُمُ يجعله عليكم كالغطاء، من حيث اشتماله عليكم. النُّعاسَ فتور في الحواس والأعصاب يعقبه النوم، فهو مقدمة له، وهو يضعف الإدارك، والنوم يزيله. أَمَنَةً أمنا مما حصل لكم من الخوف. أَمَنَةً من الله تعالى.
لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ من الأحداث والجنابات. رِجْزَ الشَّيْطانِ وسوسته لكم بأنكم لو كنتم على الحق ما كنتم ظمأى محدثين، والمشركون على الماء. وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ يحبس، أي ليثبت القلوب ويحملها على الصبر واليقين. وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ أن تسوخ في الرمل.
فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا بالإعانة والتبشير. الرُّعْبَ الخوف الشديد. فَوْقَ الْأَعْناقِ أي الرؤوس. كُلَّ بَنانٍ أي أطراف الأصابع من اليدين والرجلين. لِكَ
العذاب الواقع بهم. أَنَّهُمْ شَاقُّوا
خالفوا وعادوا، وسميت العداوة مشاقة لأنها تجعل كل طرف في شق أو جانب غير الآخر. ذلِكُمْ العذاب. فَذُوقُوهُ أيها الكافرون في الدنيا. وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ في الآخرة.
سبب النزول:
روى أحمد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر نظر النبي صلّى الله عليه وآله وسلم إلى أصحابه، وهم ثلاثمائة ونيف أو (وبضعة عشر رجلا)، ونظر إلى المشركين، فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي صلّى الله عليه وآله وسلم القبلة وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام، فلا تعبد في الأرض أبدا» قال: فما زال يستغيث ربه ويدعوه، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فرداه (أو فألقاه على منكبيه) ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ، فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ.
فلما كان يومئذ، التقوا، فهزم الله المشركين، فقتل منهم سبعون رجلا،


الصفحة التالية
Icon