جبريل عليه السّلام قال للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم: كيف أهل بدر فيكم؟ قال: خيارنا، فقال: إنهم كذلك فينا. وذلك لجهادهم، وأفضل الجهاد يوم بدر لأن بناء الإسلام كان عليه.
وأوجب الإسلام دفن جثث القتلى ولو كانوا من الأعداء،
فقد أمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بدفن قتلى المشركين السبعين في بدر في القليب وهي البئر العادية القديمة الكائنة في البراري.
روى مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ترك قتلى بدر ثلاثا، ثم قام عليهم فناداهم فقال: «يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا» فسمع عمر قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، كيف يسمعون وأني يجيبون وقد جيّفوا «١» ؟ قال: «والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا».
ثم أمر بهم، فسحبوا فألقوا في القليب، قليب بدر.
قال القرطبي: وفي هذا ما يدل على أن الموت ليس بعدم محض ولا فناء صرف، وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته، وحيلولة بينهما، وتبدل حال وانتقال من دار إلى دار.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه: إنه ليسمع قرع نعالهم» الحديث، أخرجه الصحيح «٢».

(١) جيفوا: أنتنوا، فصاروا جيفا. وقول عمر: «يسمعون» استبعاد على ما جرت به العادة، فأجابه النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بأنهم يسمعون كسمع الأحياء.
(٢) تفسير القرطبي: ٧/ ٣٧٧.


الصفحة التالية
Icon