روى ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم والطبراني عن حكيم بن حزام قال: لما كان يوم بدر، سمعنا صوتا وقع من السماء إلى الأرض، كأنه صوت حصاة وقعت في طست، ورمى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بتلك الحصباء، فانهزمنا، فذلك قوله تعالى: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى.
نزول الآية (١٩) :
إِنْ تَسْتَفْتِحُوا: روى الحاكم عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير قال: كان المستفتح أبو جهل، فإنه قال حين التقى القوم: أيّنا كان أقطع للرحم، وأتى بما لا يعرف، فأحنه (أهلكه) الغداة، وكان ذلك استفتاحا، فأنزل الله: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ إلى قوله: وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال: قال أبو جهل: اللهم انصر أعز الفئتين، وأكرم الفرقتين، فنزلت.
وقال السدي والكلبي: كان المشركون حين خرجوا إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم من مكة أخذوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين وأفضل الدينين، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال عكرمة: قال المشركون: اللهم لا نعرف ما جاء به محمد، فافتح بيننا وبينه بالحق، فأنزل الله تعالى: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا الآية.
المناسبة:
الآيات مرتبطة بما قبلها في تعليم المؤمنين قواعد القتال، بمناسبة قصة بدر، ففي الآية السابقة أمرهم بضرب الهامات والرؤوس، وتقطيع الأيدي والأرجل، وهنا ذكر الله حكما عاما أيضا في الحروب، وهو تحريم الفرار من الزحف في مواجهة الأعداء إلا لمصلحة حربية، مثل التحرف لقتال (إظهار الانهزام والفرار خدعة ثم الكرّ) والتحيز إلى فئة (الانضمام إليها لمقاتلة العدو معها).