الرَّابِعُ: أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ الْأَلُوسِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» مَا نَصُّهُ: وَفِي «شَرْحِ الْيَنْبُوعِ» نَقْلًا عَنِ الشَّرِيفِ شَمْسِ الدِّينِ الْأَرْمُونِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي «شَرْحِ فَرَائِضِ الْوَسِيطِ» : صَحَّ رُجُوعُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ ذَلِكَ فَصَارَ إِجْمَاعًا. اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ.
تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَلُوسِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» مِنْ أَنَّ الْمَفْهُومَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ مَفْهُومُ عَدَدٍ غَلَطٌ. وَالتَّحْقِيقُ هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ مَفْهُومِ الْعَدَدِ بِدَرَجَاتٍ كَمَا رَأَيْتَ فِيمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ فِي «نَشْرِ الْبُنُودِ عَلَى مَرَاقِي السُّعُودِ» فِي شَرْحِ قَوْلِهِ:
وَهُوَ ظَرْفُ عِلَّةٍ وَعَدَدُ | وَمِنْهُ شَرْطُ غَايَةٍ تُعْتَمَدُ |
فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ، عُلِّقَ فِيهِ فَرْضُ النِّصْفِ عَلَى شَرْطٍ هُوَ كَوْنُ الْبِنْتِ وَاحِدَةً، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِنِ انْتَفَى الشَّرْطُ الَّذِي هُوَ كَوْنُهَا وَاحِدَةً انْتَفَى الْمَشْرُوطُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ النِّصْفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ قِيلَ: كَذَلِكَ الْمَفْهُومُ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ; لِتَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرْطِ كَوْنَهُنَّ نِسَاءً، وَقَوْلُهُ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ وَصْفٌ زَائِدٌ، وَكَوْنُهَا وَاحِدَةً هُوَ نَفْسُ الشَّرْطِ لَا وَصْفٌ زَائِدٌ، وَقَدْ عَرَفْتَ تَقْدِيمَ مَفْهُومِ الشَّرْطِ عَلَى مَفْهُومِ الصِّفَةِ ظَرْفًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ.
الثَّانِي: أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا جَدَلِيًّا أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ لَتَسَاقَطَ الْمَفْهُومَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا وَيُطْلَبُ الدَّلِيلُ مِنْ خَارِجٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَدِلَّةَ عَلَى كَوْنِ الْبِنْتَيْنِ تَرِثَانِ الثُّلُثَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: إِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَائِدَةُ فِي لَفْظَةِ فَوْقَ اثْنَتَيْنِ إِذَا كَانَتِ الِاثْنَتَانِ كَذَلِكَ؟