وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: " صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ طُرُقٍ عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ بِهِ، وَهَذَا إِسْنَادٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ حَكَمَ مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ بِسَمَاعِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عُمَرَ، وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ قَدْ قَالُوا: إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
وَعَلَى هَذَا أَيْضًا فَقَالَ: فَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ، مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الثِّقَةِ عَنْ عُمَرَ فَذَكَرَهُ، وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ عُمَرَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ "، وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ الْوَضَّاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيِّ زَادَ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ، كِلَاهُمَا عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً فَكَمَا يُصَلَّى فِي الْحَضَرِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فَكَذَلِكَ يُصَلَّى فِي السَّفَرِ ".
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ طَاوُسٍ نَفْسِهِ فَهَذَا ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ; لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ " أَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ، وَلَكِنْ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ ذَلِكَ صَحَّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ فَرْضَ صَلَاةِ الْحَضَرِ أَرْبَعٌ "، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَكِنِ اتَّفَقَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَأَنَّهَا تَامَّةٌ غَيْرُ مَقْصُورَةٍ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَ تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ ثَمَانِ جِهَاتٍ:
الْأُولَى: أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِالْإِجْمَاعِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى " بِالْقَبَسِ ". قَالَ عُلَمَاؤُنَا هَذَا الْحَدِيثُ مَرْدُودٌ بِالْإِجْمَاعِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّهَا هِيَ خَالَفَتْهُ، وَالرَّاوِي مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِمَا رَوَى فَهِيَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا