أَوِ امْتِنَانٌ أَوْ وِفَاقُ الْوَاقِعِ | وَالْجَهْلُ وَالتَّأْكِيدُ عِنْدَ السَّامِعِ |
الثَّانِي: أَنَّ مَفْهُومَ التُّرْبَةِ مَفْهُومُ لَقَبٍ، وَهُوَ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْأُصُولِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ التُّرْبَةَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الصَّعِيدِ ; وَذِكْرُ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يَكُونُ مُخَصِّصًا لَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، سَوَاءٌ ذُكِرَا فِي نَصٍّ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى [٢ ٢٣٨]، أَوْ ذُكِرَا فِي نَصَّيْنِ كَحَدِيثِ: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ»، عِنْدَ أَحْمَدَ، وَمُسْلِمٍ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، مَعَ حَدِيثِ: «هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا»، يَعْنِي شَاةً مَيِّتَةً عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذِكْرُ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فِي الْأَوَّلِ، وَجِلْدِ الشَّاةِ فِي الْأَخِيرِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَهُمَا مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي الْأَوَّلِ، وَمِنَ الْجُلُودِ فِي الثَّانِي لَيْسَ كَذَلِكَ، قَالَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» عَاطِفًا عَلَى مَا لَا يُخَصَّصُ بِهِ الْعُمُومُ: [الرَّجَزُ]
وَذِكْرُ مَا وَافَقَهُ مِنْ مُفْرَدِ | وَمَذْهَبُ الرَّاوِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ |
وَأُجِيبَ مِنْ قِبَلِ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْبَعْضِ نَفْيُ احْتِمَالِ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْعَامِ، وَالصَّعِيدُ فِي اللُّغَةِ: وَجْهُ الْأَرْضِ، كَانَ عَلَيْهِ تُرَابٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، قَالَهُ الْخَلِيلُ، وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَالزَّجَّاجُ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا [١٨ ٨]، أَيْ أَرْضًا غَلِيظَةً لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَقَالَ تَعَالَى: فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا [١٨ ٤٠]، وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ: [الْبَسِيطُ]
كَأَنَّهُ بِالضُّحَى تَرْمِي الصَّعِيدُ بِهِ | دَبَّابَةٌ فِي عِظَامِ الرَّأْسِ خُرْطُومُ |