الْمَذْكُورَةِ، وَالْحَقُّ أَنَّ عَدَمَ اقْتِرَانِهِ بِهَا جَائِزٌ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: [الْمُتَقَارِبِ]

فَإِمَّا تَرَيِنِّي وَلِي لَمَّةٌ فَإِنَّ الْحَوَادِثَ أَوْدَى بِهَا
وَقَوْلِ الْآخَرِ: [الْكَامِلِ]
زَعَمَتْ تُمَاضِرُ أَنَّنِي إِمَّا أَمُتْ يُسَدِّدُ أُبَيْنُوهَا الْأَصَاغِرُ خَلَّتِي
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ.
صَرَّحَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا، وَبَيَّنَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا الْآيَةَ [١٦ ٣٦]، وَقَوْلِهِ: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ [٣٥ ٢٤]، وَقَوْلِهِ: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [١٣ ٧] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَدَدَ الْأُمَمِ سَبْعُونَ أُمَّةً فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ»، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي كِتَابِنَا «دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ» وَوَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ الْآيَةَ [٦]، فِي سُورَةِ «الرَّعْدِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ.
أَوْضَحَ اللَّهُ تَعَالَى مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي سُورَةِ «الزُّمَرِ» بِقَوْلِهِ: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى:
لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ.
صَرَّحَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِأَنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلًا، وَأَنَّهُ لَا يَسْبِقُ أَحَدٌ أَجَلَهُ الْمُحَدَّدَ لَهُ، وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ.
وَبَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كَقَوْلِهِ: مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ [١٥ ٥ - ٢٣ ٤٣]، وَقَوْلِهِ: إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [٧١ ٤]، وَقَوْلِهِ: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا الْآيَةَ [٦٣ ١١] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ.
بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْكُفَّارَ يَطْلُبُونَ فِي الدُّنْيَا تَعْجِيلَ الْعَذَابِ كُفْرًا وَعِنَادًا، فَإِذَا عَايَنُوا الْعَذَابَ آمَنُوا، وَذَلِكَ الْإِيمَانُ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ وَحُضُورِهِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ، وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ


الصفحة التالية
Icon