[١٦ ٣٧]، وَقَوْلِهِ: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ الْآيَةَ [٢٨ ٥٦]، وَقَوْلِهِ: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ [٧ ١٨٦]، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا كَمَا تَقَدَّمَ فِي «النِّسَاءِ».
وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَأَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّهُ لَا يَهْدِي الْقُلُوبَ وَيُوَجِّهُهَا إِلَى الْخَيْرِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَأَظْهَرُ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ الْآيَةَ [١٠ ١٠٠].
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ.
أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا جَمِيعَ عِبَادِهِ أَنْ يَنْظُرُوا مَاذَا خَلَقَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى عِظَمِ خَالِقِهَا، وَكَمَالِهِ، وَجَلَالِهِ، وَاسْتِحْقَاقِهِ لِأَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ جَلَّ وَعَلَا.
وَأَشَارَ لِمِثْلِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ الْآيَةَ [٤١ ٥٣]، وَوَبَّخَ فِي سُورَةِ «الْأَعْرَافِ» مَنْ لَمْ يَمْتَثِلْ هَذَا الْأَمْرَ، وَهَدَّدَهُ بِأَنَّهُ قَدْ يُعَاجِلُهُ الْمَوْتُ فَيَنْقَضِي أَجَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْظُرَ فِيمَا أَمَرَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ ; لِيُنَبِّهَ بِذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ فِي امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ الْآيَةَ [١٨٥].
تَنْبِيهٌ
آيَةُ «الْأَعْرَافِ» هَذِهِ الَّتِي ذَكَرْنَا تَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْفَوْرَ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ، خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ.
أَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ.
أَوْضَحَ مَعْنَاهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.
لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ نَبِيِّهِ وَبَيْنَ أَعْدَائِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ حَكَمَ بِنَصْرِهِ عَلَيْهِمْ، وَإِظْهَارِ دِينِهِ عَلَى كُلِّ


الصفحة التالية
Icon