قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَةَ، وَشَيْخُنَا الْحَافِظُ الْمُجْتَهِدُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ، وَحَكَاهُ لِي عَنِ ابْنِ تَيْمِيَةَ.
وَوَجْهُ شَهَادَةِ اسْتِقْرَاءِ الْقُرْآنِ لِهَذَا الْقَوْلِ: أَنَّ السُّوَرَ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ يُذْكَرُ فِيهَا دَائِمًا عَقِبَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الِانْتِصَارُ لِلْقُرْآنِ وَبَيَانُ إِعْجَازِهِ، وَأَنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ.
وَذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَهَا دَائِمًا دَلِيلٌ اسْتِقْرَائِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ قُصِدَ بِهَا إِظْهَارُ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ، وَأَنَّهُ حَقٌّ.
قَالَ تَعَالَى فِي «الْبَقَرَةِ» : الم [٢ ١]، وَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ، وَقَالَ فِي «آلِ عِمْرَانَ» : الم [٣ ١]، وَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ الْآيَةَ [٣ ٢، ٣]، وَقَالَ فِي «الْأَعْرَافِ» : المص [٧ ١]، ثُمَّ قَالَ: كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ الْآيَةَ [٧ ٢]، وَقَالَ فِي سُورَةِ «يُونُسَ» : الر [١٠ ١]، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ [١٠ ١]، وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا، أَعْنِي سُورَةَ «هُودٍ» الر [١١ ١] ٣٠، ثُمَّ قَالَ: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [١١ ١]، وَقَالَ فِي «يُوسُفَ» : الر [١٢ ١] ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [١٢ ١، ٢]، وَقَالَ فِي «الرَّعْدِ» : المر [١٣ ١]، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ [١٣ ١]، وَقَالَ فِي سُورَةِ «إِبْرَاهِيمَ» : الر [١٤ ١]، ثُمَّ قَالَ: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ الْآيَةَ [١٤ ١]، وَقَالَ فِي «الْحِجْرِ» : الر [١٥ ١]، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ، وَقَالَ فِي سُورَةِ «طه» طه [٢٠ ١]، ثُمَّ قَالَ: مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى [٢٠ ٢]، وَقَالَ فِي «الشُّعَرَاءِ» : طسم [٢٦ ١]، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ الْآيَةَ [٢٦ ٢، ٣]، وَقَالَ فِي «النَّمْلِ» : طس [٢٧ ٢]، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ [٢٧ ١]، وَقَالَ فِي «الْقَصَصِ» : طسم [٢٨ ١]، ثُمَّ قَالَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ الْآيَةَ [٢٨ ٢، ٣]، وَقَالَ فِي «لُقْمَانَ» الم [٣١ ٣]، ثُمَّ قَالَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ [٣١ ٢، ٣]، وَقَالَ فِي