الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ. اهـ.
وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَغَيْرُهُمْ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ خَمْسُونَ، وَرُوِيَ عَنِ اللَّيْثِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّهُ سَبْعُونَ يَوْمًا، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَهْلِ دِمَشْقَ: أَنَّ أَكْثَرَ النِّفَاسِ مِنَ الْغُلَامِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَمِنَ الْجَارِيَةِ أَرْبَعُونَ، وَعَنِ الضَّحَّاكِ: أَكْثَرُهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، قَالَهُ النَّوَوِيُّ.
وَأَمَّا أَقَلُّ النِّفَاسِ فَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ لَا حَدَّ لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَقَلُّهُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعَنْهُ أَيْضًا: خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ: أَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: أَقَلُّهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ، وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْعُلَمَاءِ فِي أَكْثَرِ النِّفَاسِ وَأَقَلِّهِ، فَإِنَّ حُجَّةَ كُلِّ مَنْ حَدَّدَ أَكْثَرَهُ بِغَيْرِ الْأَرْبَعِينَ هِيَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْمُشَاهَدِ فِي الْخَارِجِ، وَأَكْثَرُ مَا شَاهَدُوهُ فِي الْخَارِجِ سِتُّونَ يَوْمًا، وَكَذَلِكَ حُجَجُهُمْ فِي أَقَلِّهِ فَهِيَ أَيْضًا الِاعْتِمَادُ عَلَى الْمُشَاهَدِ فِي الْخَارِجِ، وَقَدْ يُشَاهَدُ الْوَلَدُ يَخْرُجُ وَلَا دَمَ مَعَهُ، وَلِذَا كَانَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ لَا حَدَّ لَهُ، وَأَمَّا حُجَّةُ مَنْ حَدَّدَهُ بِأَرْبَعِينَ، فَهِيَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» الْحَدِيثَ، رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي سَهْلٍ، وَاسْمُهُ كَثِيرُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مَسَّةَ الْأَزْدِيَّةِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ثِقَةٌ، وَأَبُو سَهْلٍ وَثَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَمْ يُصِبْ فِي تَضْعِيفِهِ، وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ فِي أَبِي سَهْلٍ الْمَذْكُورِ: ثِقَةٌ، وَقَالَ فِي «التَّقْرِيبِ» فِي مَسَّةَ الْمَذْكُورَةِ: مَقْبُولَةٌ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي «شَرْحِ الْمُهَذَّبِ» فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا: حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَثْنَى الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَيَعْتَضِدُ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَحَادِيثَ بِمَعْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَنَسٍ، وَمُعَاذٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ: «وَاعْتَمَدَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا جَوَابًا آخَرَ وَهُوَ تَضْعِيفُ الْحَدِيثِ، وَهَذَا الْجَوَابُ مَرْدُودٌ، بَلِ الْحَدِيثُ جَيِّدٌ كَمَا سَبَقَ».
وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ أَكْثَرَ النِّفَاسِ سِتُّونَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ أَرْبَعُونَ بِأَجْوِبَةٍ، أَوْجَهُهَا عِنْدِي أَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الدَّمَ إِنْ تَمَادَى بِهَا لَمْ تَجْلِسْ أَكْثَرَ مِنَ الْأَرْبَعِينَ، فَمِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ تَكُونَ النِّسَاءُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ لَمْ يَتَمَادَ الْحَيْضُ بِهَا إِلَّا أَرْبَعِينَ فَنَصَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهَا تَجْلِسُ الْأَرْبَعِينَ، وَلَا


الصفحة التالية
Icon