وَهُنَّ بِالتَّرْتِيبِ ذَا لِذِي الرِّجَالِ
الْأَوْقَصِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ هِلَالِ
فَبِهَذَا الَّذِي بَيَّنَّا يَتَّضِحُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذِي الْقُرْبَى فِي الْآيَةِ: بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ دُونَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَبَنِي نَوْفَلٍ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَبَنِي نَوْفَلٍ عَادَوُا الْهَاشِمِيِّينَ، وَظَاهَرُوا عَلَيْهِمْ قُرَيْشًا، فَصَارُوا كَالْأَبَاعِدِ مِنْهُمْ ; لِلْعَدَاوَةِ، وَعَدَمِ النُّصْرَةِ.
وَلِذَا قَالَ فِيهِمْ أَبُو طَالِبٍ ; فِي لَامِيَّتِهِ الْمَشْهُورَةِ: [الطَّوِيلُ]
جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبَدَ شَمْسٍ، وَنَوْفَلًا
عُقُوبَةَ شَرٍّ، عَاجِلٍ، غَيْرِ آجِلِ
بِمِيزَانِ قِسْطٍ لَا يَخِيسُ شَعِيرَةً
لَهُ شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهِ، غَيْرُ عَائِلِ
لَقَدْ سَفِهَتْ أَحْلَامُ قَوْمٍ تَبَدَّلُوا
بَنِي خَلَفٍ قَيْضًا بِنَا، وَالْغَيَاطِلِ
وَنَحْنُ الصَّمِيمُ مِنْ ذُؤَابَةِ هَاشِمٍ
وَآلِ قُصَيٍّ فِي الْخُطُوبِ الْأَوَائِلِ
بِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي ذَكَرْنَا: يَتَّضِحُ عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: بِأَنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ فَقَطْ، وَقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُمْ قُرَيْشٌ كُلُّهُمْ.
وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ فَقَطْ: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُسْلِمٌ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: يَسْأَلُهُ عَنْ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّا كُنَّا نَرَى أَنَّا هُمْ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا، وَقَالُوا: قُرَيْشٌ كُلُّهَا ذَوُو قُرْبَى.
وَزِيَادَةُ قَوْلِهِ: وَقَالُوا:» قُرَيْشٌ كُلُّهَا «تَفَرَّدَ بِهَا أَبُو مَعْشَرٍ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.
وَمَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِعْلِهِ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ: يُعَيِّنُ أَنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ، وَالْمُطَّلِبِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
فَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِخُمُسِ الْخُمُسِ مِنْ غَنَائِمِ خَيْبَرَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، وَأَنَّهُمْ هُمْ ذَوُو الْقُرْبَى الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ.
فَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا: هَلْ يُفَضَّلُ ذَكَرُهُمْ عَلَى أُنْثَاهُمْ، أَوْ يُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ؟
فَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ كَالْمِيرَاثِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ; وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ


الصفحة التالية
Icon