وَسَائِرُ حِكَايَةِ الْفِعْلِ بِمَا
مِنْهُ الْعُمُومُ ظَاهِرًا قَدْ عُلِمَا
مَا نَصُّهُ: تَنْبِيهٌ: حَكَى ابْنُ رَشِيدٍ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ "، هَلْ يَحْتَاجُ سَلَبُ الْقَتِيلِ إِلَى تَنْفِيذِ الْإِمَامِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ حُكْمٌ فَلَا يَعُمُّ، أَوْ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فَتْوَى؟ وَكَذَا قَوْلُهُ لِهِنْدٍ: " خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ " فِيهِ خِلَافٌ، هَلْ هُوَ حُكْمٌ فَلَا يَعُمُّ، أَوْ فَتْوَى فَيَعُمُّ.
قَالَ مَيَّارَةُ فِي " التَّكْمِيلِ ": [الرَّجَزُ]
وَفِي حَدِيثِ هِنْدٍ الْخِلَافُ: هَلْ
حُكْمٌ يَخُصُّهَا أَوِ افْتَاءٌ شَمَلْ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي السَّلَبِ، هَلْ يُخَمَّسُ أَوْ لَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: لَا يُخَمَّسُ.
الثَّانِي: يُخَمَّسُ.
الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ كَثِيرًا خُمِّسَ، وَإِلَّا فَلَا.
وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّهُ لَا يُخَمَّسُ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَيُرْوَى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَكْحُولٌ.
وَمِمَّنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ: إِسْحَاقُ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: لَا يُخَمَّسُ بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ; أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ "، بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي قَدَّمْنَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا نَصُّهُ: " وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ، الَّذِي أَخْرَجَهُ بِهِ مُسْلِمٌ، وَزَادَ بَيَانًا أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُخَمِّسُ السَّلَبَ " اهـ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " التَّلْخِيصِ " فِي حَدِيثِ خَالِدٍ وَعَوْفٍ الْمُتَقَدِّمِ، مَا لَفْظُهُ: " وَهُوَ ثَابِتٌ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِيهِ قِصَّةٌ لِعَوْفٍ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَتَعَقَّبَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي " نَيْلِ الْأَوْطَارِ " بِمَا نَصُّهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْحُجَّةِ لَمْ يَكُنْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، بَلِ الَّذِي فِيهِ هُوَ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَفِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَفِيهِ كَلَامٌ مَعْرُوفٌ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِرَارًا "، اهـ.


الصفحة التالية
Icon