وَكَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ. كَقَوْلِهِ: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ [٧٣ ٩]، وَقَوْلِهِ: قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا [٦٧ ٢٩]. وَقَوْلِهِ: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ [٩ ١٢٩]، وَقَوْلِهِ: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [٦٥ ٣]، وَقَوْلِهِ: لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [١٤ ١١ - ١٢]، وَقَوْلِهِ: إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ [١١ ٥٦]، وَقَوْلِهِ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ الْآيَةَ [١٠ ٧١]، وَقَوْلِهِ: وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا [٣٣ ٣]، وَقَوْلِهِ: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ الْآيَةَ [٢٥ ٥٨]، وَقَوْلِهِ: فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ: فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [٣ ١٧٣]، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جَدًّا.
وَالْوَكِيلُ: فَعِيلٌ مِنَ التَّوَكُّلِ ; أَيْ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ، تُفَوِّضُونَ إِلَيْهِ أُمُورَكُمْ. فَيُوصِلُ إِلَيْكُمُ النَّفْعَ، وَيَكُفُّ عَنْكُمُ الضُّرَّ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَكِيلًا [١٧ ٢] ; أَيْ رِبًّا تَكِلُونَ إِلَيْهِ أُمُورَكُمْ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَفِيظًا لَكُمْ سِوَايَ.
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ: قِيلَ لِلرَّبِّ وَكِيلٌ لِكِفَايَتِهِ وَقِيَامِهِ بِشُئُونِ عِبَادِهِ، لَا عَلَى مَعْنَى ارْتِفَاعِ مَنْزِلَةِ الْمُوَكِّلِ وَانْحِطَاطِ أَمْرِ الْوَكِيلِ اه. قَالَهُ أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَكِيلًا ; أَيْ شَرِيكًا، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقِيلَ: كَفِيلًا بِأُمُورِهِمْ. حَكَاهُ الْفَرَّاءُ. وَقِيلَ: رَبًّا يَتَوَكَّلُونَ عَلَيْهِ فِي أُمُورِهِمْ. قَالَهُ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كَافِيًا اه وَالْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ، وَمَرْجِعُهَا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ الْوَكِيلَ: مَنْ يُتَوَكَّلُ عَلَيْهِ. فَتُفَوَّضُ الْأُمُورُ إِلَيْهِ، لِيَأْتِيَ بِالْخَيْرِ، وَيَدْفَعَ الشَّرَّ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ جَلَّ وَعَلَا. وَلِهَذَا حَذَّرَ مِنَ اتِّخَاذِ وَكِيلٍ دُونَهُ. لِأَنَّهُ لَا نَافِعَ وَلَا ضَارَّ، وَلَا كَافِيَ إِلَّا هُوَ وَحْدَهُ جَلَّ وَعَلَا.. عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا، وَهُوَ حَسَبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.


الصفحة التالية
Icon