وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِعَطْفٍ أَوْ بِدُونِ عَطْفٍ، فَمِثَالُهُ مَعَ الْعَطْفِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ [٣ ٣٩]، وَمِثَالُهُ بِدُونِ عَطْفٍ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا الْآيَةَ [٧ ١٥٠]. وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَلَيَّ إِذَا مَا جِئْتِ لَيْلَى بِخُفْيَةٍ | زِيَارَةُ بَيْتِ اللَّهِ رَجْلَانَ حَافِيَا |
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ: قَيِّمًا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ; لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعِوَجِ عَنْهُ هُوَ مَعْنَى كَوْنِهِ قَيِّمًا.
وَعَزَا هَذَا الْقَوْلَ الرَّازِيُّ وَأَبُو حَيَّانَ لِصَاحِبِ حَلِّ الْعُقَدِ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ بَدَلٌ مُفْرَدٌ مِنْ جُمْلَةٍ.
كَمَا قَالُوا فِي: عَرَفْتُ زَيْدًا أَبُو مَنْ، أَنَّهُ بَدَلُ جُمْلَةٍ مِنْ مُفْرَدٍ، وَفِي جَوَازِ ذَلِكَ خِلَافٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ.
وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ قَيِّمًا حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا، وَاخْتَارَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ قَيِّمًا مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَتَقْدِيرُهُ: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا وَجَعَلَهُ قَيِّمًا، وَحَذْفُ نَاصِبِ الْفَضْلَةِ إِذَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ جَائِزٌ، كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:
وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا إِنْ عُلِمَا وَقَدْ يَكُونُ حَذْفُهُ مُلْتَزَمَا
وَأَقْرَبُ أَوْجُهِ الْإِعْرَابِ فِي قَوْلِهِ: «قَيِّمًا» أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِمَحْذُوفٍ، أَوْ حَالٌ ثَانِيَةٌ مِنَ «الْكِتَابِ» وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا [١٨ ٢] اللَّامُ فِيهِ مُتَعَلِّقَةٌ