وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [٢ ٢٥]، وَنَحْوِ ذَلِكَ - أَنَّهُ: صَالِحَةٌ، وَأَنَّ الْعَرَبَ تُطْلِقُ لَفْظَةَ الصَّالِحَةِ عَلَى الْفِعْلَةِ الطَّيِّبَةِ ; كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْجِنْسِ لِتَنَاسِي الْوَصْفِيَّةِ، كَمَا شَاعَ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ فِي الْحَسَنَةِ مُرَادًا بِهَا الْفِعْلَةُ الطَّيِّبَةُ.
وَمِنْ إِطْلَاقِ الْعَرَبِ لَفْظَ الصَّالِحَةِ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ فِي زَوْجِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بِنْتَ الْأَمِينِ جَزَاكِ اللَّهُ صَالِحَةً | وَكُلُّ بَعْلٍ سَيُثْنِي بِالَّذِي عَلِمَا |
كَيْفَ الْهِجَاءُ وَلَا تَنْفَكُّ صَالِحَةٌ | مِنْ آلِ لَأْمٍ بِظَهْرِ الْغَيْبِ تَأْتِينِي |
الْحُبُّ مَشْغَلَةٌ عَنْ كُلِّ صَالِحَةٍ | وَسَكْرَةُ الْحُبِّ تَنْفِي سَكْرَةَ الْوَسَنِ |
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا، أَيْ خَالِدِينَ فِيهِ بِلَا انْقِطَاعٍ.
وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ كَثِيرَةٍ، كَقَوْلِهِ: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [١١ ١٠٨] أَيْ غَيْرَ مَقْطُوعٍ، وَقَوْلِهِ: إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ [٣٨ ٥٤]، أَيْ مَا لَهُ مِنِ انْقِطَاعٍ وَانْتِهَاءٍ، وَقَوْلِهِ: مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ [١٦ ٩٦]، وَقَوْلِهِ: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [٨٧ ١٧] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا [١٨ ٤]،