يَعْنِي: مَا بَالُ قَوْمٍ أَصْدِقَاءٍ.
وَقَوْلُ جَرِيرٍ:

نَصَبْنَ الْهَوَى ثُمَّ ارْتَمَيْنَ قُلُوبَنَا بِأَعْيُنِ أَعْدَاءٍ وَهُنَّ صَدِيقُ
يَعْنِي: صَدِيقَاتٍ.
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
لَعَمْرِي لَئِنْ كُنْتُمْ عَلَى النَّأْيِ وَالنَّوَى بِكُمْ مِثْلُ مَا بِي إِنَّكُمْ لَصَدِيقُ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
يَا عَاذِلَاتِي لَا تَزِدْنَ مُلَامَةً إِنَّ الْعَوَاذِلَ لَيْسَ لِي بِأَمِيرِ
؛ أَيْ: لَسْنَ بِأُمَرَاءَ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي الْقُرْآنِ وَاللَّفْظُ مُضَافٌ، قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ [٢٤ ٦١] ؛ أَيْ: أَصْدِقَائِكُمْ. وَقَوْلُهُ: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ [٢٤ ٦٣] ؛ أَيْ: أَوَامِرِهِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا [١٤ ٣٤] أَيْ: نِعَمَ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي [١٥ ٦٨] ؛ أَيْ: أَضْيَافِي. وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبَدَةَ التَّمِيمِيِّ:
بِهَا جِيَفُ الْحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامُهَا فَبِيضٌ وَأَمَّا جِلْدُهَا فَصَلِيبُ
؛ أَيْ: وَأَمَّا جُلُودُهَا فَصَلِيبَةٌ.
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا فَإِنَّ زَمَانَكُمُ زَمَنٌ خَمِيصُ
؛ أَيْ: بُطُونِكُمْ. وَهَذَا الْبَيْتُ وَالَّذِي قَبْلَهُ أَنْشَدَهُمَا سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ مُسْتَشْهِدًا بِهِمَا لِمَا ذَكَرْنَا.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ:
فَقُلْنَا أَسْلِمُوا إِنَّا أَخُوكُمُ وَقَدْ سَلِمَتْ مِنَ الْإِحَنِ الصُّدُورُ
؛ أَيْ: إِنَّا إِخْوَانُكُمْ.
وَقَوْلُ جَرِيرٍ:
إِذَا آبَاؤُنَا وَأَبُوكَ عُدُّوا أَبَانَ الْمُقْرِفَاتُ مِنَ الْعِرَابِ
؛ أَيْ: إِذَا آبَاؤُنَا وَآبَاؤُكَ عُدُّوا، وَهَذَا الْبَيْتُ وَالَّذِي قَبْلَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِمَا جَمْعُ التَّصْحِيحِ لِلْأَبِ وَلِلْأَخِ، فَيَكُونُ الْأَصْلُ: أُبُونَ وَأُخُونَ، فَحُذِفَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ، فَصَارَ كَلَفْظِ الْمُفْرَدِ.


الصفحة التالية
Icon