تَرَاهُ كَأَنَّ اللَّهَ يَجْدَعُ أَنْفَهُ | وَعَيْنَيْهِ إِنْ مَوْلَاهُ ثَابَ لَهُ وَفْرُ |
وَمِنْ شَوَاهِدِهِ الْمَشْهُورَةِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا | حَتَّى شَتَتْ هَمَّالَةً عَيْنَاهَا |
وَهِيَ انْفَرَدَتْ
بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِي | مَعْمُولُهُ دَفْعًا لِوَهْمٍ اتَّقِي |
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ الْآيَةَ [٢٢ ١٩] نَزَلَ فِي الْمُبَارِزِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُمْ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَفِي أَقْرَانِهِمُ الْمُبَارِزِينَ مِنَ الْكُفَّارِ، وَهُمْ: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَابْنُهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ، وَأَخُوهُ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ.
مَا ذَكَرَهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: مِنْ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ كُلَّمَا أَرَادُوا الْخُرُوجَ مِنْهَا، لِمَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْغَمِّ فِيهَا عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْهَا، أُعِيدُوا فِيهَا، وَمُنِعُوا مِنَ الْخُرُوجِ مِنْهَا بَيَّنَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، كَقَوْلِهِ فِي الْمَائِدَةِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [٥ ٣٦ - ٣٧]، وَقَوْلِهِ فِي السَّجْدَةِ: