صِيغَةُ عُمُومٍ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى صِيَغَ الْعُمُومِ:
وَنَحْوَ لَا شَرِبْتُ أَوْ إِنْ شَرِبَا | وَاتَّفَقُوا إِنْ مَصْدَرًا قَدْ جَلَبَا |
الْأَوَّلُ هُوَ مَا جَاءَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ السَّاحِرَ كَافِرٌ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ الْآيَةَ [٢ ١٠٢]. فَقَوْلُهُ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَاحِرًا وَحَاشَاهُ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ كَافِرًا. وَقَوْلُهُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ صَرِيحٌ فِي كُفْرِ مُعَلِّمِ السِّحْرِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى عَنْ هَارُوتَ وَمَارُوتَ مُقَرِّرًا لَهُ: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ [٢ ١٠٢]، وَقَوْلُهُ: وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ [٢ ١٠٢] أَيْ: مِنْ نَصِيبٍ، وَنَفِيُ النَّصِيبِ فِي الْآخِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِلْكَافِرِ عِيَاذًا بِاللَّهِ تَعَالَى. وَهَذِهِ الْآيَاتُ أَدِلَّةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ مِنَ السِّحْرِ مَا هُوَ كُفْرٌ بَوَاحٌ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ.
الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّهُ عَرَفَ بِاسْتِقْرَاءِ الْقُرْآنِ أَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنَّ لَفْظَةَ لَا يُفْلِحُ يُرَادُ بِهَا الْكَافِرُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ «يُونُسَ» : قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ [١٠ ٦٨ - ٧٠]، وَقَوْلِهِ فِي «يُونُسَ» أَيْضًا: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [١٠ ١٧]، وَقَوْلِهِ