الْآيَةِ، عَلَى مَنْعِ الِاسْتِمْنَاءِ بِالْيَدِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الرَّجُلِ يَجْلِدُ عَمِيرَةَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَى قَوْلِهِ الْعَادُونَ [٢٣ ٥ - ٧].
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ اسْتِدْلَالَ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، عَلَى مَنْعِ جَلْدِ عَمِيرَةَ الَّذِي هُوَ الِاسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ بِكِتَابِ اللَّهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَرِدْ شَيْءٌ يُعَارِضُهُ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَمَا رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَعَ عِلْمِهِ، وَجَلَالَتِهِ وَوَرَعِهِ مِنْ إِبَاحَةِ جَلْدِ عَمِيرَةَ مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ قَائِلًا: هُوَ إِخْرَاجُ فَضْلَةٍ مِنَ الْبَدَنِ تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَى إِخْرَاجِهَا فَجَازَ، قِيَاسًا عَلَى الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ، كَمَا قَالَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
إِذَا حَلَلْتَ بِوَادٍ لَا أَنِيسَ بِهِ | فَاجْلِدْ عَمِيرَةَ لَا عَارٌ وَلَا حَرَجُ |
وَالْخُلْفُ لِلنَّصِّ أَوْ إِجْمَاعٌ دَعَا | فَسَادَ الِاعْتِبَارِ كُلُّ مَنْ وَعَى |
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ بَعْضَ مَنْ حَرَّمَ جَلْدَ عَمِيرَةَ، وَاسْتِدْلَالَهُمْ بِالْآيَةِ مَا نَصُّهُ: وَقَدِ اسْتَأْنَسُوا بِحَدِيثٍ رَوَاهُ الْإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ فِي جُزْئِهِ الْمَشْهُورِ، حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سَبْعَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَا يَجْمَعُهُمْ مَعَ الْعَامِلِينَ وَيُدْخِلُهُمُ النَّارَ أَوَّلَ الدَّاخِلِينَ إِلَّا أَنْ يَتُوبُوا وَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ