وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ [١٨ ٥٧].
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ.
قَدْ قَدَّمْنَا بَعْضَ الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةِ لَهُ فِي آخِرِ سُورَةِ «مَرْيَمَ»، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا [١٩ ٩٨].
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (٢٧).
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «طه»، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى [٢٠ ٥٣ - ٥٤]، وَقَدْ أَوْضَحْنَا تَفْسِيرَ الْأَرْضِ الْجُرُزِ مَعَ بَعْضِ الشَّوَاهِدِ الْعَرَبِيَّةِ فِي سُورَةِ «الْكَهْفِ»، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا [١٨ ٨].
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩).
أَظْهَرُ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي هُوَ أَنَّ الْفَتْحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ هُوَ الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْفَتَّاحَ: الْقَاضِي، وَهِيَ لُغَةٌ حِمْيَرِيَّةٌ قَدِيمَةٌ، وَالْفَتَاحَةُ: الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَلَا مِنْ مُبْلِغٍ عَمْرًا رَسُولًا بِأَنِّي عَنْ فَتَاحَتِكُمْ غَنِيٌّ.
وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَتْحَ الْحُكْمُ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ شُعَيْبٍ: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ [٧ ٨٩]، أَيِ: احْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ نُوحٍ: قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا الْآيَةَ [٢٦ ١١٧ - ١١٨]، أَيِ: احْكُمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حُكْمًا، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ [٣٤ ٢٦]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:


الصفحة التالية
Icon