الْمَوْضِعَيْنِ، اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ هُوَ الْقَوْلُ الْخَامِسُ.
قَالَ فِي «نَيْلِ الْأَوْطَارِ» : وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ فِي «فَتْحِ الْبَارِي»، بَلْ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَيِّمِ نَفْسُهُ.
الْقَوْلُ الثَّانِي عَشَرَ: أَنَّهُ يَنْوِي فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ، إِلَّا أَنَّهُ إِنْ نَوَى وَاحِدَةً كَانَتْ بَائِنَةً، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ، وَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ.
وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ: احْتِمَالُ اللَّفْظِ لِمَا ذَكَرَهُ، إِلَّا أَنَّهُ إِنْ نَوَى وَاحِدَةً كَانَتْ بَائِنَةً، لِاقْتِضَاءِ التَّحْرِيمِ لِلْبَيْنُونَةِ، وَهِيَ صُغْرَى وَكُبْرَى، وَالصُّغْرَى هِيَ الْمُتَحَقِّقَةُ، فَاعْتُبِرَتْ دُونَ الْكُبْرَى. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: إِنْ نَوَى الْكَذِبَ دِينَ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ بَلْ كَانَ مُؤْلِيًا، وَلَا يَكُونُ ظِهَارًا عِنْدَهُ، نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهْ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ: أَعْنِي بِهَا الظِّهَارَ، لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا، انْتَهَى مِنْ «إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ».
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي «نَيْلِ الْأَوْطَارِ»، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْقَيِّمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، إِلَى قَوْلِهِ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ. وَفِي «الْفَتْحِ» عَنِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَهِيَ يَمِينٌ وَيَصِيرُ مُؤْلِيًا، اهـ.
الْقَوْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّهُ يَمِينٌ يُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي «إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ» : صَحَّ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَمَكْحُولٍ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَنَافِعٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فَرْضَ تَحِلَّةِ الْأَيْمَانِ عَقِبَ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ يَقِينًا، فَلَا يَجُوزُ جَعْلُ تَحِلَّةِ الْأَيْمَانِ لِغَيْرِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا، وَيَخْرُجُ الْمَذْكُورُ عَنْ حُكْمِ التَّحِلَّةِ الَّتِي قَصَدَ ذِكْرَهَا لِأَجْلِهِ، اهـ مِنْهُ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: الظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ الْقَيِّمِ أَرَادَ بِكَلَامِهِ هَذَا أَنَّ صُورَةَ سَبَبِ النُّزُولِ قَطْعِيَّةَ الدُّخُولِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ، نَازِلٌ فِي تَحْرِيمِ الْحَلَالِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ