بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ صقَوْلُهُ تَعَالَى ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ. قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ: ص بِالسُّكُونِ مِنْهُمُ الْقُرَّاءُ السَّبْعَةُ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ ص مِنَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ كَـ (ص) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: المص، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: كهيعص [١٩ ١].
وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ مُسْتَوْفًى عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ هُودٍ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.
وَبِذَلِكَ التَّحْقِيقِ الْمَذْكُورِ، تَعْلَمُ أَنَّ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ ص بِكَسْرِ الدَّالِّ غَيْرِ مُنَوَّنَةٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا بِكَسْرِ الدَّالِّ مُنَوَّنَةً، وَمَنْ قَرَأَهَا بِفَتْحِ الدَّالِّ، وَمَنْ قَرَأَهَا بِضَمِّهَا غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ، كُلُّهَا قِرَاءَاتٌ شَاذَّةٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا.
وَكَذَلِكَ تَفَاسِيرُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى تِلْكَ الْقِرَاءَاتِ، فَإِنَّهَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا أَيْضًا.
كَمَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ صَادِ بِكَسْرِ الدَّالِّ فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ صَادَى يُصَادِي مُصَادَاةً إِذَا عَارَضَ، وَمِنْهُ الصَّدَى. وَهُوَ مَا يُعَارِضُ الصَّوْتَ فِي الْأَمَاكِنِ الصُّلْبَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْأَجْسَامِ، أَيْ عَارِضْ بِعَمَلِكَ الْقُرْآنَ وَقَابِلْهُ بِهِ، يَعْنِي امْتَثِلْ أَوَامِرَهُ وَاجْتَنِبْ نَوَاهِيَهُ وَاعْتَقِدْ عَقَائِدَهُ وَاعْتَبِرْ بِأَمْثَالِهِ وَاتَّعَظْ بِمَوَاعِظِهِ.
وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا: أَنَّ ص بِمَعْنَى حَادِثٍ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ.
وَقِرَاءَةُ ص بِكَسْرِ الدَّالِّ غَيْرُ مُنَوَّنَةٍ: مَرْوِيَّةٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَالْحَسَنِ وَابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبِي السِّمَالِ وَابْنِ أَبِي عَيْلَةَ وَنَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ.
وَالْأَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ، أَنَّ كَسْرَ الدَّالِّ سَبَبُهُ التَّخْفِيفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَهُوَ حَرْفُ هِجَاءٍ لَا فِعْلُ أَمْرٍ مَنْ صَادَى.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ قَرَأَ ص بِكَسْرِ الدَّالِّ مَعَ التَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ