إِلَى الْمَوْتِ، بَلْ يَمْكُثُونَ فِي النَّارِ مُعَذَّبِينَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ.
وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا فَيَسْتَرِيحُوا بِالْمَوْتِ، وَلَا تُغْنِيَ هِيَ عَنْهُمْ، وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ عَذَابُهَا، وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا.
أَمَّا كَوْنُهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ هُنَا: قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ - فَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا [٢٠ ٧٤]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا [٨٧ ١١ - ١٣]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا الْآيَةَ [٣٥ ٣٦]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ الْآيَةَ [١٤ ١٧].
وَأَمَّا كَوْنُ النَّارِ لَا تُغْنِي عَنْهُمْ، فَقَدْ بَيَّنَهُ - تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا [١٧ ٩٧]. فَمَنْ يَدَّعِي أَنَّ لِلنَّارِ خَبْوَةً نِهَائِيَّةً وَفَنَاءً - رُدَّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.
وَأَمَّا كَوْنُ الْعَذَابِ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُ فَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا، كَقَوْلِهِ: وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا [٣٥ ٣٦]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ [١٦ ٨٥]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا [٧٨ ٣٠]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ الْآيَةَ [٤٣ ٧٥]. وَقَوْلِهِ: إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا [٢٥ ٦٥]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا [٢٥ ٧٧] عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأَخِيرَيْنِ.
وَأَمَّا كَوْنُهُمْ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا فَقَدْ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «الْبَقَرَةِ» : كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [٢ ١٦٧]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «الْمَائِدَةِ» : يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [٥ ٣٧]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «الْحَجِّ» : كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا الْآيَةَ [٢٢ ٢٢]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «السَّجْدَةِ» : كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا [٣٢ ٢٠]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «الْجَاثِيَةِ» : فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ [٤٥ ٣٥]. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَدْ أَوْضَحَنَا هَذَا الْمَبْحَثَ إِيضَاحًا شَافِيًا فِي كِتَابِنَا «دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ


الصفحة التالية
Icon