تَفْضِيلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنَّهَا بَعْدَ وُجُودِهَا، صَرَّحَ اللَّهُ بِأَنَّهَا هِيَ خَيْرُ الْأُمَمِ، كَمَا أَوْضَحْنَا. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى -.
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا.
وَقَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضَّحَةَ فِي سُورَةِ «الزُّخْرُفِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [٤٣ ٤٣].
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.
نَهَى اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَنِ اتِّبَاعِ أَهْوَاءِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا [١٧ ٢٢]- أَنَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - يَأْمُرُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَنْهَاهُ، لِيُشَرِّعَ بِذَلِكَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لِأُمَّتِهِ، كَقَوْلِهِ هُنَا: وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [٤٥ ١٨].
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَتَّبِعُ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، وَلَكِنَّ النَّهْيَ الْمَذْكُورَ فِيهِ التَّشْرِيعُ لِأُمَّتِهِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا [٧٦ ٢٤]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ [٦٨ ٨]. وَقَوْلِهِ: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ [٦٨ ١٠]. وَقَوْلِهِ: وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ [١٧ ٣٩]. وَقَوْلِهِ: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [٣٩ ٦٥]. وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَقَدْ بَيَّنَّا الْأَدِلَّةَ الْقُرْآنِيَّةَ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخَاطَبُ، وَالْمُرَادُ بِهِ التَّشْرِيعُ لِأُمَّتِهِ، فِي آيَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» الْمَذْكُورَةِ.
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ «الْجَاثِيَةِ» هَذِهِ مِنَ النَّهْيِ عَنِ اتِّبَاعِ أَهْوَائِهِمْ - جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «الشُّورَى» : وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ [٤٢ ١٥]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «الْأَنْعَامِ» : فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [٦ ١٥٠]. وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي «الْقَصَصِ» : فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [٢٨ ٥٠]. وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ.


الصفحة التالية
Icon