بِهِ النَّاسَ وَيَرْحَمَهُمْ، وَأَنَّ تَفْصِيلَهُ شَامِلٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنَ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [٧ ٥٢] وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [١١ ١]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [١٠ ٣٧]، وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [١١ ١١١]، وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا [٦ ١١٤]، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ
قَوْلُهُ: (قُرْآنًا عَرَبِيًّا) قَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى الْآيَاتِ الَّتِي بِمَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ «الزُّمَرِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ [٣٩ ٢٨].
وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [٤١ ٣] أَيْ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ (قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِتَفْصِيلِهِ، كَمَا خَصَّهُمْ بِتَفْصِيلِ الْآيَاتِ فِي سُورَةِ «يُونُسَ» فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [١٠ ٥] وَفِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ [٦ ٩٧ - ٩٨] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَدْ أَوْضَحْنَا وَجْهَ تَخْصِيصِ الْمُنْتَفِعِينَ بِالْأَمْرِ الْمُشْتَرَكِ دُونَ غَيْرِهِمْ فِي سُورَةِ «فَاطِرٍ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ [٣٥ ١٨] وَبَيَّنَّا هُنَاكَ أَنَّ تَخْصِيصَهُمْ بِالْإِنْذَارِ دُونَ غَيْرِهِمْ فِي آيَةِ «فَاطِرٍ» هَذِهِ، وَفِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «يس» : إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ [٣٦ ١١]، وَقَوْلِهِ فِي النَّازِعَاتِ: إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا [٧٩ ٤٥]، وَقَوْلِهِ فِي «الْأَنْعَامِ» وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ