وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [٢ ٢٥٧]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [٧]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ [٣ ١٧٥]. أَيْ يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ الْآيَةَ [٤ ٧٦].
وَقَدْ وَبَّخَهُمْ - تَعَالَى - عَلَى اتِّخَاذِهِمُ الشَّيْطَانَ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ - تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا.
وَقَدْ أَمَرَ - جَلَّ وَعَلَا - بِاتِّبَاعِ هَذَا الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، نَاهِيًا عَنِ اتِّبَاعِ الْأَوْلِيَاءِ الْمُتَّخَذِينَ مِنْ دُونِهِ - تَعَالَى - فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [٧ ٣].
وَقَدْ عَلِمْتَ مِنَ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ وَعَبَدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ نَوْعَانِ: الْأَوَّلُ مِنْهُمَا: الشَّيَاطِينُ، وَمَعْنَى عِبَادَتِهِمْ لِلشَّيْطَانَ طَاعَتُهُمْ لَهُ فِيمَا يُزَيِّنُ لَهُمْ مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، فَشِرْكُهُمْ بِهِ شِرْكُ طَاعَةٍ، وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى عِبَادَتِهِمْ لِلشَّيَاطِينِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ الْآيَةَ [٣٦ ٦٠]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - عَنْ إِبْرَاهِيمَ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ الْآيَةَ [١٩ ٤٤]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا [٤ ١١٧]، أَيْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ [٣٤ ٤١]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [١٦ ١٠٠]. وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [٦ ١٢١]. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: هُوَ الْأَوْثَانُ، كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ - تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى الْآيَةَ [٣٩ ٣].
وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ، أَيْ رَقِيبٌ عَلَيْهِمْ حَافَظٌ


الصفحة التالية
Icon