بِصِيغَةِ الْمُجَرَّدِ فِي الْفِعْلَيْنِ، لِأَنَّ مَنْ قُتِلَ وَمَاتَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ بِقَتْلِ قَاتِلِهِ، بَلِ الْمُرَادُ فِي إِنْ قَتَلُوا بَعْضَكُمْ فَلْيَقْتُلْهُمْ بَعْضُكُمُ الْآخَرُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ ابْنِ مُطِيعٍ:
فَإِنْ تَقْتُلُونَا عِنْدَ حَرَّةِ وَاقِمٍ فَإِنَّا عَلَى الْإِسْلَامِ أَوَّلُ مَنْ قَتَلَ أَيْ فَإِنْ تَقْتُلُوا بَعْضَنَا، وَإِنَّ مِنْهُ أَيْضًا: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا [٤٩ ١٤]، لِأَنَّ هَذَا فِي بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَى قَوْلِهِ: سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [٩ ٩٩].
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْحُجُرَاتِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مِنْ أَصْرَحِ الشَّوَاهِدِ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

فَسَيْفُ بَنِي عَبْسٍ وَقَدْ ضَرَبُوا بِهِ نَبَا بِيَدَيْ وَرْقَاءَ عَنْ رَأْسِ خَالِدٍ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَعَقَرَ: أَيْ قَتَلَهَا، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ الْعَقْرَ عَلَى الْقَتْلِ وَالنَّحْرِ وَالْجَرْحِ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيطُ بِنَا مَعًا عَقَرْتَ بِعِيرِي يَا امْرَأَ الْقَيْسِ فَانْزِلِ
وَمِنْ إِطْلَاقِ الْعَقْرِ عَلَى نَحْرِ الْإِبِلِ لِقِرَى الضَّيْفِ - قَوْلُ جَرِيرٍ:
تَعُدُّونَ عَقْرَ الذِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُمْ بَنِي ضُوطَرَى لَوْلَا الْكَمِيَّ الْمُقَنَّعَا
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ بِكَثْرَةٍ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [٤١ ١٧].
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ.
قَوْلُهُ: إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا: قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ [٢٥ ٤٠]، وَقَوْلِهِ: إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ إِيضَاحًا شَافِيًا بِكَثْرَةٍ.


الصفحة التالية
Icon