أَيْ صِرْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ كَانَ بِمَعْنَى صَارَ، وَمِنْهُ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [٢ ٣٥]، أَيْ فَتَصِيرَا مِنَ الظَّالِمِينَ.
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بِتَيْهَاءَ قَفْرٍ وَالْمَطِيُّ كَأَنَّهَا | قَطَا الْحَزْنِ قَدْ كَانَتْ فِرَاخًا بُيُوضُهَا |
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: قِيلَ لَهُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ لِأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يُذْهَبُ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ إِلَى الْجَنَّةِ.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ عَنْ يَمِينِ أَبِيهِمْ آدَمَ، كَمَا رَآهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ.
وَقِيلَ: سُمُّوا أَصْحَابَ الْيَمِينِ وَأَصْحَابَ الْمَيْمَنَةِ لِأَنَّهُمْ مَيَامِينُ، أَيْ مُبَارَكُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، لِأَنَّهُمْ أَطَاعُوا رَبَّهُمْ فَدَخَلُوا الْجَنَّةَ، وَالْيُمْنُ الْبَرَكَةُ.
وَسُمِّيَ الْآخَرُونَ أَصْحَابَ الشِّمَالِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِشَمَائِلِهِمْ.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يُذْهَبُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ إِلَى النَّارِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الشِّمَالَ شُؤْمًا، كَمَا تُسَمِّي الْيَمِينَ يُمْنًا، وَمِنْ هُنَا قِيلَ لَهُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ أَوْ لِأَنَّهُمْ مَشَائِيمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ: فَعَصَوُا اللَّهَ فَأَدْخَلَهُمُ النَّارَ، وَالْمَشَائِيمُ ضِدُّ الْمَيَامِينِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَشَائِيمُ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً | وَلَا نَاعِبٍ إِلَّا بِبَيْنٍ غُرَابُهَا |