وَقَالَ - تَعَالَى -: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى [٢٠ ٥٣].
وَقَالَ - تَعَالَى -: فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [٢٢ ٥]. أَيْ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ حَسَنٍ مِنْ أَصْنَافِ النَّبَاتِ.
وَقَالَ - تَعَالَى -: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [٣١ ١٠].
وَمِنْ إِطْلَاقِ الْأَزْوَاجِ عَلَى الْأَصْنَافِ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ [٣٨ ٥٨]. وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ [٢٠ ١٣١].
وَقَدْ قَدَّمْنَا طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ فِي سُورَةِ «الصَّافَّاتِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ الْآيَةَ [٣٧ ٢٢].
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ.
قَدْ قَدَّمَنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ بِكَثْرَةٍ فِي سُورَةِ «الْمُؤْمِنِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا الْآيَةَ [٤٠ ٧٩]. وَضَمِيرُ الْمُفْرَدِ الْمُذَكَّرِ الْغَائِبِ فِي قَوْلِهِ: لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ، وَقَوْلِهِ: إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ - رَاجِعٌ إِلَى لَفْظِ (مَا) فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ.
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ.
يَعْنِي - جَلَّ وَعَلَا - أَنَّهُ جَعَلَ لِبَنِي آدَمَ مَا يَرْكَبُونَهُ مِنَ الْفُلْكِ الَّتِي هِيَ السُّفُنُ، وَمِنَ الْأَنْعَامِ لِيَسْتَوُوا، أَيْ يَرْتَفِعُوا مُعْتَدِلِينَ عَلَى ظُهُورِهِ، ثُمَّ يَذْكُرُوا فِي قُلُوبِهِمْ نِعْمَةَ رَبِّهِمْ عَلَيْهِمْ بِتِلْكَ الْمَرْكُوبَاتِ، ثُمَّ يَقُولُوا - بِأَلْسِنَتِهِمْ مَعَ تَفَهُّمِ مَعْنَى مَا يَقُولُونَ -: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ.
وَقَوْلُهُ: «سُبْحَانَ» قَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» مَعْنَاهُ بِإِيضَاحٍ، وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - أَكْمَلَ التَّنْزِيهِ وَأَتَمَّهُ، عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ، وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: هَذَا رَاجِعَةٌ إِلَى لَفْظِ مَا مِنْ قَوْلِهِ: مَا تَرْكَبُونَ وَجَمَعَ الظُّهُورَ نَظَرًا إِلَى مَعْنَى مَا ; لِأَنَّ مَعْنَاهَا عَامٌّ شَامِلٌ لِكُلِّ مَا تَشْمَلُهُ صِلَتُهَا، وَلَفْظُهَا مُفْرَدٌ، فَالْجَمْعُ فِي الْآيَةِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا، وَالْإِفْرَادُ بِاعْتِبَارِ لَفْظِهَا.


الصفحة التالية
Icon