وَاللَّهِ لَوْلَا مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لَأَتَيْتُهُ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ وَأُوَضِّئُهُ، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ سَاقَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَعَزَاهُ إِلَى أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَكَذَلِكَ دَعْوَةُ نَبِيِّ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ [٢ ١٢٩].
وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ».
وَقَدْ خُصَّ عِيسَى بِالنَّصِّ عَلَى الْبُشْرَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَهُوَ نَاقِلٌ تِلْكَ الْبُشْرَى لِقَوْمِهِ عَمَّا قَبْلَهُ.
كَمَا قَالَ: مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَمَنْ قَبْلَهُ نَاقِلٌ عَمَّنْ قَبْلَهُ، وَهَكَذَا حَتَّى صَرَّحَ بِهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَدَّاهَا إِلَى قَوْمِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: اسْمُهُ أَحْمَدُ، جَاءَ النَّصُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ، وَفِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا لِي أَسْمَاءٌ أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ».
وَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ فَقَدْ ذُكِرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاسْمِهِ أَحْمَدَ هُنَا، وَبِاسْمِهِ مُحَمَّدٍ فِي سُورَةِ «مُحَمَّدٍ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كَمَا ذُكِرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصِفَاتٍ عَدِيدَةٍ أَجْمَعِهَا مَا يُعَدُّ تَرْجَمَةً ذَاتِيَّةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [٩ ١٢٨].
وَسَيَأْتِي الْمَزِيدُ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [٦٨ ٤] إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.
تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [٤٢ ١٦] فِي سُورَةِ «الشُّورَى» وَقَوْلِهِ: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ [٢١ ١٨] فِي سُورَةِ «الْأَنْبِيَاءِ».
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ.