- رَحِمَهُمَا اللَّهُ - قَدْ وَافَقَ الْجُمْهُورَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَإِنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَقَدْ جَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ.
وَجَاءَ نَصُّ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ فِي السُّدُسِ الْأَخِيرِ، قَالَ فِي مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ: غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ إِلَّا الصُّبْحَ فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْمَعْنَى مَا نَصُّهُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيَجُوزُ الْأَذَانُ لِلْفَجْرِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إِلَى قَوْلِهِ:
وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ دِمَشْقَ يُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فِي السَّحَرِ بِقَدْرِ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ سِتَّةَ أَمْيَالٍ فَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ مَكْحُولٌ وَلَا يَقُولُ فِيهِ شَيْئًا. اهـ.
تَنْبِيهٌ
قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: إِذَا كَانَ مُؤَذِّنَانِ يُؤَذِّنُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ، فَلَا بَأْسَ أَيْ: لِيَعْرِفَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا مِنَ الثَّانِي وَيَلْتَزِمَا بِذَلِكَ ; لِيَعْلَمَ النَّاسُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ كَمَا كَانَ زَمَنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى مُلَخَّصًا.
أَمَّا تَعَدُّدُ الْمُؤَذِّنِينَ لِبَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ فَكَالْآتِي:
أَوَّلًا: فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ هُوَ حَدِيثُ بِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ فِي صَلَاحِ الْفَجْرِ، ثُمَّ قَاسُوا عَلَيْهِ لِلْحَاجَةِ بَقِيَّةَ الصَّلَوَاتِ، كَمَا اسْتَأْنَسُوا لِزِيَادَةِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي الْجُمُعَةِ لِلْجَمَاعَةِ لِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ.
ثَانِيًا: نَسُوقُ مُوجَزَ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ:
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: بَابُ اسْتِحْبَابِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنَيْنِ لِلْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ، وَسَاقَ كَلَامَهُ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنَانِ: بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ.
ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ مُؤَذِّنَيْنِ لِلْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ، يُؤَذِّنُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَالْآخَرُ عِنْدَ طُلُوعِهِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: فَإِذَا احْتَاجَ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ مُؤَذِّنَيْنِ اتَّخَذَ ثَلَاثَةً، وَأَرْبَعَةً فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ.


الصفحة التالية
Icon