عَلَيْهِ أَنْ يُنَادِيَ غَيْرَهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِي نُطْقِهِ بِهِمَا، فَيَأْتِي بِلَا حَوْلٍ وَلَا قُوَّةٍ إِلَّا بِاللَّهِ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ ذِكْرٌ يُثَابُ عَلَيْهِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَالثَّانِي: اسْتِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا حَوْلَ لَهُ عَنْ مَعْصِيَةٍ وَلَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى طَاعَةٍ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَفِيهِ اسْتِعَانَةٌ بِاللَّهِ وَحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى إِجَابَةِ هَذَا النِّدَاءِ، وَأَدَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ.
وَقَدْ أَخَذَ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِمُحَاكَاةِ الْمُؤَذِّنِ فِي جَمِيعِ الْأَذَانِ عَلَى النَّحْوِ الْمُقَدَّمِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ يَكْتَفِي إِلَى الْحَوْقَلَةِ لِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ. وَنَصُّ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرُ الْمَشْهُورِ أَيْ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ طَلَبُ حِكَايَةِ الْأَذَانِ جَمِيعِهِ، ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى خَلِيلٍ.
بَعْضُ الزِّيَادَاتِ عَلَى أَلْفَاظِ الْأَذَانِ
تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْحَوْقَلَةِ عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، عِنْدَ الشَّهَادَتَيْنِ يَقُولُ زِيَادَةً: «وَأَنَا أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ».
الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُؤَالُ اللَّهِ لَهُ الْوَسِيلَةَ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَمَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ ; فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» وَهَذَا عَامٌّ لِلْأَذَانِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إِلَّا أَنَّهُ جَاءَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ بَعْضُ الزِّيَادَاتِ، فَفِي الْمَغْرِبِ حَكَى النَّوَوِيُّ: أَنَّهُ لَهُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ النِّدَاءِ: «اللَّهُمَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ، وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ وَأَصْوَاتُ دُعَائِكَ اغْفِرْ لِي»، وَيَدْعُو بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَعَزَاهُ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ.
أَمَّا فِي سَمَاعِ أَذَانِ الْفَجْرِ فَيَقُولُ عِنْدَ (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ) : صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ، حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَعَنِ الرَّافِعِيِّ يَقُولُ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ.
وَإِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْكِيهِ ; لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ


الصفحة التالية
Icon