ثَالِثًا قَوْلُهُ لَهَا: إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ [١٩ ١٩] وَرَسُولُ رَبِّهَا هُوَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَيْسَ رُوحَهُ تَعَالَى.
رَابِعًا: قَوْلُهُ: لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا [١٩ ١٩]، وَلَمْ يُقَلْ لِأَهَبَ لَكِ رُوحًا مِنَ اللَّهِ.
وَمِنْ هَذَا أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ: إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ [٣٨ ٧١] يَعْنِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [١٥ ٢٩]، أَيْ: نَفَخْتُ فِيهِ الرُّوحَ الَّتِي بِهَا الْحَيَاةُ: فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [١٥ ٢٩]. فَلَوْ أَنَّ الرُّوحَ مِنَ اللَّهِ لَكَانَ آدَمُ أَوْلَى مِنْ عِيسَى ; لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إِرْسَالَ رَسُولٍ لَهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [٣ ٥٩]، فَكَذَلِكَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا بَشَّرَتْهَا بِهِ الْمَلَائِكَةُ: قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [٣ ٤٧]، فَكُلٌّ مِنْ آدَمَ وَعِيسَى، قَالَ لَهُ تَعَالَى: كُنْ فَكَانَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.


الصفحة التالية
Icon